ظاهرة الباريدوليا : كثيرا ما نتخيل أشخاص تظهر في المجسمات وحتى في السماء، وهو أمر عادي بالنسبة إلى البعض، ولكن البعض الآخر قد يجده أمرا مخيفا، لأن كل الأشياء من حوله تتحول إلى وجوه وأشخاص معروفة، فهل سبق لك وأن رأيت بالفعل وجوها في مكان ما ليست وجوه حقيقية هم في الأصل ليست وجوه، وهي ظاهرة نفسية متعارف عليها تعرف باسم الباريدوليا والتي تدفع الأشخاص إلى الاعتقاد بأن هناك مؤثر عشوائي مبهم قد يكون مهما مثل تخيل وجوه أشخاص في السحاب، فما هي ظاهرة الباريدوليا؟

ما هي ظاهرة الباريدوليا ؟

 ظاهرة الباريدوليا هي ظاهرة نفسية والتي تتضمن الاعتقاد بأي مؤثر عشوائي مثل تخيل الحيوانات في السحاب، أو رؤية وجه ما على سطح القمر، ـو حتى سماع أصوات مخيفة في التسجيلات عند سماعها ويظن البعض أن هذه الأصوات المخيفة ، بمعنى آخر هي قيام العقل بتفسير الأشكال الغير منتظمة على أنها أشكال معروفة، فعندما تنظر للقمر من الممكن أن تراه يبتسم، أو أن تنظر إلى بقعة من الزيت وتراها على هيئة سمكة دولفين أو ديناصور، وتنظر إلى السماء لترى شكل السحب على هيئة حصان أو وحش مخيف أو رمز ديني.

 ظاهرة الباريدوليا هي نوع من الوهم أو عدم القدرة على الإدراك والذي ينطوي في أغلب الأحيان على حافز غامض أو مبهم تظهر عليه الأشياء وهي على غير حقيقتها، فمثلا من الممكن أن يرى الأشخاص المصابون بهذه الظاهرة تغير ألوان الخبز المحمص حتى أنهم يتخيلون ظهور وجه يسوع عليهاـ أو أن يروا أي وجه لأي شخصية عامة أو معروفة وكذلك على سطح القمر.

 ظاهرة الباريدوليا واختبار رورشاخ

توفر ظاهرة الباريدوليا في الظروف العادية تفسيرا للكثير من الأوهام والتي تستند على الإدراك الحسي كالأمثلة التي قد طرحناها مسبقا، حتى أن أمثلتها تصل إلى الطابع الديني بأن ترى وجه لفظ الجلالة ( الله) في السماء أو أن ترى وجه المسيح أو السيدة العذراء وهكذا، ويشجع علماء النفس على ممارسة الباريدوليا كوسيلة منهم لفهم المرضى، ومن هنا يمكن استخدام اختبار بقعة حبر روشان وهي البقع من الحبر السائل التي يتم نثرها على الورق ثم يطوى حتى نحصل على شكل مختلف ومتناظر حيث يختلف الأشخاص في تفسير هذه الأشكال، وكل شخص يفسر الشكل الذي أمامه من تصوراته وأفكاره وهو ما يعكس جوانب كثيرة من شخصيته.

حتى أن الممارسات الخاصة بالتنجيم في أوروبا قد تضمنت أيضا ظاهرة الباريدوليا قديما وذلك من خلال تفسير الأشكال الظاهرة في ظلال الأشياء، وقد نشر العالم الياباني ( كونوسوكي أوكامورا) من عام 1977 لعام 1980 العديد من الأبحاث الخاصة بظاهرة الباريدوليا حيث تول من خلال أبحاثه أن الإنسان لم يتغير خلال العصور القديمة إلا في الحجم فقط وذلك بناء على الأشكال التي رآها في أحجار الجير من العصر السيلوري والتي ادعي أنها عبارة عن أشخاص دقيقة، وقد حصل هذا العالم الياباني على جائزة أكنوبل وهي المقابل الساخر لجائزة نوبل.

الفائدة التطورية إلى ظاهرة الباريدوليا

يرى عالم الفضاء والكاتب الأمريكي ( كارل ساجان) أن هذه الظاهرة قد نشأت لتساعد البشر على التعرف على الوجوه البشرة في برهة من الثانية وهذا الأمر مفيد جدا في التعرف من وجهة النظر التاريخية والتطورية في التعرف على الحلفاء والأعداء في سرعة ودقة، لذلك توصل ساجان إلى أن في اللحظة التي يتمكن فيها الطفل الوليد من الرؤية يتمكن من التعرف إلى الوجوه، وهي مهارة مرسخة فينا منذ نعومة أظافرنا، ويقول أيضا أن الأطفال الرضع الذين عاشوا منذ مليون سنة لم يتمكنوا من التعرف على الوجوه لذلك كانوا لا يبتسمون لها وكانوا أيضا أقل عرضة لكسب قلوب والديهم، وأن الأطفال الرضع لديهم سرعة في تحديد الوجوه البشرية والاستجابة للابتسامات الحنونة.

وأخيرا فإن ظاهرة الباريدوليا تعني الاستسقاط البصري وهو في مجمله عبارة عن تفسير خطأ للأشياء بأكثر من طريقة وبواسطة ربط عدة أشياء معا وفي النهاية إعطائها أهمية تفوق حجمها بكثير، وقد أطلق هذا الاسم على  هذه الظاهرة في عام 1958 من قبل كونراد كلاوس وهو من فسر الميل في البحث عن الظواهر الغير طبيعية والخارقة للعادة والتي تأتي عن طريق ربط أنماط عشوائية معا.